Post ADS 2
منوع

تصحيحات لبعض الأخطاء الشائعة المرتبطة باسم العراق

 العراق
1- العراق تسمية حديثة عمرها 100 عام! 
خطأ، العراق اسم قديم و،يرى البعض أنه يعود للعهد الكاشي (منتصف الألف الثاني قبل الميلاد) ويرى البعض أنه مشتق من اسم مدينة أوروك، فيما ثبت أنه شائع منذ العهد الفرثي. 
بالطبع، تذكر المصادر الإسلامية اسم العراق منذ أقدم العصور ولاسيما العصر الأموي، وقد ورد اسم العراق في كتب الفراهيدي والزمخشري والمسعودي، وفي الغالب كان يشير اسم العراقين إلى البصرة والكوفة، وأحيانا عراق العرب وعراق العجم.  
وظـهر اسم العراق في الشعر العربي وجاء ذكره في اشعار الشعراء وهـي أكثر من أن تحصى، اكتفى المؤلف ايراد الآتـي:
قـال المتلمّس، وهو جرير بن عبد المسيح الضبعي، كان من شعراء البحرين، جاء الى الحيرة في العراق ، ومنها هرب الى الشام وبقي فيها . وقد بلغه ان عمرو بن هند يقـــول : (حرام عليه حب العراق ان يطعم منه حبة) فقال المتلمس قصيدة طويلة يقول فيهـا :
ان العـراق واهله كانوا الهوى               فإذا تأتي بي ودهّم فليبعـد
كما قال المنخلَّ اليشكري، وهو الشاعر الذي نادم النعمان بن المنذر الذي اتهمـه بأمراته المتجردة فقتله، يقـول :
ان كنـتِ عاذلتي فسيري                     نحو العراق ولا تحـوري
وقـال امرؤ القيس عن ملك جده الحـارث :
ابعـد الحارث الملك بن عمر له ملك العراق الى عمـان
امـا عنترة العبسي فانه عندما طلب الزواج من ابنة عمه عبلة اشترط عليه عمه صداقا من ابل النعمان المعروفة (بالعصافير) فذهب الى العراق وسجن ، وفي ذلك يقول :
تـرى علمت عبيلة ما ألاقي من الاهوال في ارض العـراق
طغـاني بالريا والمكر عمي              وجار عليَّ في طلب الصـداق
فخـضت  بمهجتي المنايـا             وسـرت الى العراق بلا رفـاق
وجـاء اسم العراق في مقصورة للشاعر النابغة الذبياني وكان قد خرج مع الامـام علي في معركة صفين فقـال:
قـد علم المصران والعراق ان عليا فحلها المتّسـاق
وابو الطيب المتبني اكثر من ذكر العراق في اشعاره في مختلف المناسبات ، وقال في مدح سيف الدولة الحمدانـي:
كيـف لا تأمن العراق ومصر           وسراياك دونها الخيـول
وكل هذه تعني أنه اسم معروف قبل الإسلام وبالطبع قبل 100 عام. وكان في الغالب يعني الجزء الجنوبي من العراق وأحيانا يعني كامل الأرض الحالية. ببساطة، من يقول أن عمر الكلمة 100 عام جا#هل.
2- هل كان العراق يُعرف باسم ميسوبوتاميا؟
هذا الاسم معروف في الكلاسيكيات لأنه جاء من الترجمة السبعونية للتوراة في مصر وشاع في الغرب. في الغالب، يشير الاسم إلى الأجزاء الشمالية من العراق وجنوب الأناضول وشرق سوريا، أي مناطق الجزيرة الحالية. مع ذلك، لم يستخدم سكان العراق القدماء أبدا هذا الاسم ليصفوا به أرضهم، وهناك كلمات تشير إلى بين النهرين أو النهرين ولكنه لم يكن الاسم الأكثر شيوعا، وعندما بدأت صفحتي عن بلاد النهرين عام 2008 اخترت اسم ميسوبوتاميا لأنني توجهت إلى الجمهور الغربي. حتى قبل بضع سنوات، لم تكن التسمية معروفة لأغلب العراقيين ممن لا يجيدون الإنجليزية، ولا تزال مجهولة لطبقات واسعة من الشعب. ما يجهله الشعب نفسه يعني أنه لا أصول له في ضميره ووجدانه. بسبب هذه التسمية، تجرأ ذات مرة شخص يوناني متعصب ليقول أن العراق حديث وحضارته بعد اليونان لأنه ذاته يحمل اسم يوناني! نكتة سمجة. 
3- هل يمكن تحويل العراق الى ميسوبوتاميا؟
غير ممكن لأن التسمية أصلا ليست أصيلة من داخل المنطقة، بل تسمية يونانية، ولا تشمل العراق الحالي بل مناطق أوسع، بل أنها تعني في الغالب شمال العراق وجنوب الأناضول وشرق سوريا. سيوقعنا ذلك في مشاكل مشابهة لما حدث بين مقدونيا واليونان، حيث أن مقدونيا - بعد الانفصال عن يوغسلافيا السابقة - اتخذت هذا الاسم ورأى اليونانيون أنه سطو على إرث الإسكندر المقدوني، وقد حُلّت الأزمة اليوم بتحويل الاسم إلى مقدونيا الشمالية، وهذه التسمية أثارت مشاكل هي الأخرى تتعلق بكون الاسم يوحي بوجود مقدونيا الجنوبية ضمن اليونان، مثل هذه الأمور موجودة في اقليم تراكيا - تراقيا القديم - بين اليونان وتركيا.  في زيارتي لآسيا عام 2019، اكتشفت ان فيتنام على سبيل المثال تعني "فيت الجنوبي" لوجود فيت شمالي في الصين، وكان اسم البلاد في فترة الاستعمار الفرنسي "نغويان" باختيار من فرنسا، وتم احياء اسم فيتنام من قبل كاتب قومي فيتنامي في القرن العشرين.
3- هل كان العراق بحدوده الحالية؟ 
هذا السؤال بلا معنى، والتحجج بأن العراق دولة حديثة لتسهيل هدمها يعكس جهلا واسعا بالتاريخ والسياسة وأن أغلب دول العالم الحديثة - بحدودها الراهنة - تكونت بعد الحرب العالمية الأولى، وبعضها بعد الحرب العالمية الثانية (مثل إسرائيل والهند وباكستان الغربية والشرقية - والأخيرة انقسمت إلى باسكتان وبنغلاديش في السبعينيات) وبعضها في التسعينات مثل دول يوغسلافيا السابقة، وبعضها مؤخرا مثل جنوب السودان. باختصار، حداثة الدولة ليست مبررا لهدمها أو اعتبارها كيان غير شرعي.
4- هل كان العراق كيان سياسي معترف به قبل 100 عام؟
هذا السؤال يجرنا لسؤال آخر عن فكرة الاعتراف الدولي بالكيانات، لأنه مفهوم حديث جدا ظهر مع عصبة الأمم، وقبل ذلك كانت الدولة قائمة ما دامت موجودة ككيان سياسي وشعب ولغة ونظام، وما دامت دول الجوار تتعامل معها باحترام ولا تتجاوز على حدودها. مسألة الاعتراف الدولي بكيانٍ ما حديثة جدا وتعود للقرن الماضي.
5- هل اسم الدولة بالفعل مشكلة رئيسية تستحق مضيعة الوقت عليها؟
بالطبع لا، لأن أغلب الدول الحالية تحمل أسماء حديثة ومنها تركيا (لم تكن موجودة بهذه الحدود قبل الحرب العالمية الأولى وأيضا ضمت قوميات كثيرة) وإيران (ذات الشيء وكان اسمها فارس) وكذلك سوريا وشرق الأردن وغيرها. قد يكون الاسم قديم في بعض الأحيان ولكنه يتوسع، مثل لبنان الذي كان يعني الجبل، لكنه توسع ليشمل لبنان الكبير بجهود فرنسية ليكون بلدا قابلا للحياة _ بدون البقاع وغيره من مناطق كان سيُحرم من أي فرص للزراعة والبقاء. الجزيرة العربية كانت تشمل الحجاز ونجد ومناطق أخرى، ولم يتغير شيء على أرض الواقع عندما أصبح اسمها السعودية. أسماء الدول تتبدل والمشكلة أن الناس لا تفصل بين هذه التسميات والشعب، ويعتقدون بشكل خرافي أن الشعب يتغير تماما بتغير البلد، وأن سقوط آشور يعني تحول السكان بالكامل إلى بابليين كلديين وهكذا، في حين أن أغلب هذه التسميات مجرد وصف لكيانات سياسية وقبائل من ذات المنطقة ولا تعني شعوبا منفصلة بالمعنى الذي يصوّره المؤرخون الذين قسموها بهدف الدراسة والتبسيط ليصبح هذا التبسيط كارثة تدق بذور الفرقة في المنطقة حتى يومنا هذا.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-